الموت على شواطئ المانش.. اشتباكات تُشعل مخيم المهاجرين في شمال فرنسا

الموت على شواطئ المانش.. اشتباكات تُشعل مخيم المهاجرين في شمال فرنسا
مخيم المهاجرين في شمال فرنسا - أرشيف

اندلعت اشتباكات جديدة في مخيم "لون بلاج" شمال فرنسا، ما أدى إلى إصابة أربعة مهاجرين بجروح طفيفة، في حادثةٍ تُعيد تسليط الضوء على واقع العنف المتكرر في هذه المنطقة التي تحوّلت إلى ساحة صراع بين شبكات تهريب البشر الساعية للسيطرة على طرق العبور نحو المملكة المتحدة.

وشهدت المنطقة، بحسب ما ذكرت صحيفة "صوت الشمال" المحلية، الخميس، تدخّل فرق الطوارئ لعلاج المصابين في موقع الحادث، في حين فتحت الشرطة تحقيقًا لتحديد هوية الجناة. 

ويأتي هذا الاشتباك بعد سلسلة طويلة من أعمال العنف التي تضرب المنطقة منذ شهور، إذ أصبحت المخيمات غير الرسمية في "لون بلاج" مأوى مؤقتًا لمئات المهاجرين الذين يترقبون فرصة عبور بحر المانش.

ففي يوليو الماضي، أُصيب رجل في الثلاثينيات بسبع طلقات نارية في حادثة مشابهة، كما شهد الصيف المنصرم تبادلات نارية شبه أسبوعية أودت بحياة أشخاص وأصابت آخرين، ومنهم نساء وأطفال.

خلفية إنسانية قاتمة

تُحمّل المنظمات الإنسانية السلطات الفرنسية جزءًا من المسؤولية عن تفاقم التوتر، بسبب عمليات التفكيك اليومية للمخيمات التي تدفع المهاجرين للعيش في ظروف قاسية وغير مستقرة. 

وتقول هذه المنظمات إن "غياب الاستقرار وعمليات الملاحقة الأمنية الدائمة تُغذي التوترات وتُضاعف الخطر"، في حين تؤكد السلطات أن العنف ناتج أساسًا عن تصفية حسابات بين عصابات تهريب المهاجرين التي تتنافس على النفوذ.

وأثناء تغطية ميدانية أجراها موقع مهاجر نيوز في يوليو الماضي، شهد الصحفيون إطلاق نار في المنطقة أُصيب خلاله رجل عراقي في ساقه. 

وتوضح رئيسة منظمة "روتس" البريطانية، سارة بيري، أن "المهربين باتوا يعملون في مساحة ضيقة بعد تفكيك العديد من المخابئ، ما جعل التوتر أكثر قابلية للاشتعال في أي لحظة".

حياة معلّقة بين البحر والموت

رغم الخطر الدائم، لا يغادر المهاجرون هذه المخيمات، إذ تبعد الشواطئ التي يحاولون منها العبور إلى بريطانيا مئات الأمتار فقط. يقول زكريا، شاب أفغاني يبلغ 20 عامًا: "بالأمس سمعتُ الرصاص، رأيت رجلًا ملثمًا يطلق النار.. لم يعد أحد يخاف هنا، لقد اعتدنا العنف". 

أما مريم، وهي فتاة صومالية شابة، فتضحك وهي تقول: "أمي نصحتني بالابتعاد عن الأسلحة"، في حين ترفض والدتها مايا الحديث عن المهربين خوفًا من الانتقام، قائلةً: "لا أريدهم أن يروني معك، لدي طفل رضيع وأخشى عليهم جميعًا".

تتجاوز هذه الصراعات طابعها الإنساني لتكشف عن تجارة ضخمة تدور رحاها على طول 200 كيلومتر من الساحل بين بلجيكا وخليج السوم. 

عبور مئات القوارب

يقول كزافييه ديلريو، مدير المكتب الفرنسي لمكافحة الاتجار بالمهاجرين، إن "كل قارب يُمكن أن يُدر على المهربين ما يقارب 100 ألف يورو، ومع عبور مئات القوارب سنويًا تتحول هذه التجارة إلى نشاط يدر عشرات الملايين".

ويضيف فلوريان بابو، نائب المدعي العام في محكمة بولوني سور مير، أن "تهريب المهاجرين أصبح أكثر ربحًا من تهريب المخدرات في ليلة واحدة ناجحة".

وتُجسد هذه الحوادث واقعًا مأساويًا لمئات الرجال والنساء والأطفال العالقين بين الأمل والهاوية، ففي ظل غياب حلول أوروبية جذرية لقضية الهجرة غير النظامية، تظل سواحل شمال فرنسا مسرحًا لتقاطع المعاناة الإنسانية مع الجشع الإجرامي، حيث يتحول حلم الوصول إلى بريطانيا إلى كابوس يومي تتخلله رائحة البارود وصدى الرصاص.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية